راي

*رسالة* *مؤجلة* *الى* *الجنجويدي* *د* . *الوليد* *مادبو*

لـواء ركن ( م ) د. يونس محمود محمد

 

عندما استوى دكتور الوليد آدم موسى مادبو ( *خبير الحوكمة* ) ضيفًا على قناة الجزيرة مباشر منتصف العام السابق ٢٠٢٤م معلقًا على الأحداث والحرب في السودان، اكتسى صفة الخبير العسكري متجاوزًا صفته الأصل كخبير في نظم إدارة المؤسسات العامة والخاصة بتطبيق قواعد الحوكمة وهي الرقابة، والمساءلة، والشفافية، والمشاركة ، والعدالة، ولكن الرجل معذور في ذلك ، لأنه سبق ظهورُ إسمه ضمن قوائم المرشحين لرئاسة الوزراء، في مرحلة من مراحل التيه السياسي، وربما ذهبت التوقعات بالرجل، إلى الفوز بتلك الوظيفة وهو يردد أمام المرآة ( *أتتك الإمارة تجرجر أذيالها* ، *فلم تكُ تصلح الا لك* ، *ولم تصلح الا لها* ) وهو يضع العطر ويبتسم، ثم طال الإنتظار والترقب، وأرهقه الملل ولم تشرق شمس ذلك اليوم ( *أداء القسم* )، ولن تشرق أبدًا بإذن الله،
ولما إستعرت الحرب ( *الصهيونية الإماراتية* ) على السودان بالأدوات الداخلية ( *الجنجويد والقحاطة* ) تطلّع د. الوليد في ملامح ( *حميدتي* ) ورأى فيه خير من يرسن له البعير، وينيخه ويسرجه بالحوية الموشاة بالفروة، ويدنيه منه تداني الإنتقال من أديم الأرض إلى ( *بنابر الهوا* ) كما يحلو القول لناس الإبل، ولكنّه وجد نفسه لابُد أن يدفع الثمن ويسدد الفاتورة، فوقع في روعه أن يتقمص أقرب الشخصيات في التأثير الشعوري على ( *حميدتي* ) وهي شخصية ( *الحكامة** ) شخصية المجتمع التقليدي الأسطورية، التي توجّه السلوك بمعايير ( *الحمد والعيب* ) وكلمتها نافذة، وتأثيرها ذو سطوة مباشرة، ترفع أقوامًا وتحط آخرين، ولحظتها نسي الدكتور خبير الحوكمة كل سفسطائيات جدل المتعلمين، وأعلن إذعانه وإتباعه منطق ( *حميدتي* ) وتفسيره للظواهر السياسية، ومسببات الحرب، وأهمها ( *دولة ٥٦ دولة الجلابة* ) .
التي أمعنت في الظلم حتى بدأ كأنه خرج من بين فرث المعاناة، مشى حافيًا ( *اقروبًا* ) بمعنى راجلاً، وصَرّ وحلب الشياه، ونام على ( *الكبشور* ) نوع خشن من البروش منسوج من أوراق شجرة الدوم، ورمى كل الوزر والإجحاف على دولة الجلابة، ولم يذكر لها حسنةً واحدة، بل أراد طمرها حيّةً في حفرة التاريخ تمامًا كما طمر ( *جنجويده* ) الأحياء في مدينة الجنينة، بدعوى أنهم فلنقايات.
ولأنه حفيد عاق لدولة الجلابة التي تسنّم والده ثاني أهم وزارة فيها وهي وزارة الدفاع في الفترة من يوليو عام ١٩٦٧ _مايو ١٩٦٨، يصفها بدولة الفصل العنصري ( *الابارتهايد* ) بكل ما أُوتي من جرأة، ثم مضى لوصف المعارك القتالية، وهنا سقط وقال ( *كلمةً كبيرة* )
وكبيرة تأتي من كبائر الآثام قولاً أو فعلاً، ( *كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبًا* ) فقال وهو يصف الجنجويد ( *بأنهم يهجمون على الجيش كما يهجم الأسد على فريسته* ) نعم بهذا الوصف التجريدي، رسم صورة القتال بين صيّاد وطريدة، في تطفيف ممعن في الخسران وهو يعلم في قرارة نفسه ( *الجحودة* ) أن هذا ليس هو الحق ولكنّها ممالأة الباطل، ورجاء ما عند حميدتي من عطاء، وتحفيز، ووعدًا بالوظيفة ( *الحلم* ).
أما وقد إنقشع غبار المعارك، وحُسر الستارُ عن مسرح الأحداث وتبدّت حقيقةُ نصر الجيش، كشمس الضحى، وورد زئيرُ ُ الجيش كلَ أرجاء الدنيا، القاصية والدانية، عبر الأعيان والإعلام، وتبعثرت تجمعات البغاث، تطلب النجاة، أما رأيت إذ رأيت يا د. وليد ، كيف تَخفّى الأشاوذ وراء عباءات النساء، والملابس المدنية غير ( *المناسبة المقاييس* )؟
تركوا الحديد الإماراتي الحديث عاطلاً عن العمل، خائب السواعد، خواء الفؤاد، تركوه بالأطنان والمخازن وراء ظهورهم وأدبارهم ليكون نفقةَ حسراتٍ على الإمارات،
ألم ترهم كيف إحتشدوا وراء خزان جبل أولياء وقد إكتفوا من الغنيمة بالإياب إلى أم قرون ؟؟
أما رأيت كيف إنقعشت طيّات ظلماتهم أمام جبين الفجر الوضيء، وغرّدت أطيار الفرح، ورفّت أجنحة الحرية والخلاص من ويلات الجنجويد، الذين لا يرعوي د. الوليد وأمثاله من نصب أنفسهم مدافعين عن مشروعية القتل والإغتصاب.
إن ما كشفه مخضُ الحرب عن صريح الحق، ورغوة الباطل لهو خير لأهل السودان { *وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم*، *والله يعلم وأنتم لا تعلمون* }.
وقد تفاجأ الناس بمواقف مخزية لمن كانوا يظنّون فيهم خيرًا، وتبدى خيرٌ كثيرٌ في من زهدَ الناسُ منه، وتلك سننُ الله في أقداره.
لعل الدكتور الوليد يسعف نفسه بتصحيح موقفه، لأن من راهن على نصرٍ للجنجويد على الجيش السوداني فقد خاب وخسر، ومن ظنّ أن شعب السودان يستكينُ لظلم الجنجويد، ويستسلمُ لقدرهم فقد جهل حقائق تاريخ هذا الشعب الأبي .

*التهاني والتبريكات بالنصر المبين الذي تحقق بثبات الأبطال ، وحكمة القيادة وإسناد الشعب*.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى