راي

ترامب* *والتحدي* ،،، *مصر* *والأردن* .

لواء ركن ( م) د. يونس محمود محمد

 

الرئيس الأمريكي المنتخب للمرة الثانية غير المتوالية ( دونالد ترامب ) صاحب الصيت والشهرة في التصريح بما يريد ويرغب ، ولو أدى ذلك لتجاوز الأعراف المرعية ، والبروتوكولات المتبعة ، في ضبط التصريحات ، خاصة على مستوى الدول ( العظمى) وقد قال عنه أحد المحللين الأمريكيين (جيفري ساكس ) قال إن (ترامب رجل ساذج) لا يقرأ ، ولكنه محاط بمجموعة من المستشارين اليهود .
في ولايته الأولى الممتدة من ( يناير ٢٠١٧ _ يناير ٢٠٢١م) وفي سياق تواصله مع الرؤساء قال ( اتصلت مع الملك سلمان وقلت له يا ملك لماذا لم تدفعوا لنا مقابل حمايتكم ، قال لي لم يقل لنا أحد أن ندفع ، قلت له أنا الآن أقول لكم ادفعوا ، فدفعوا لنا خمسمائة مليار دولار ) يسرد هذه الواقعة ، وهو يقلد صوت الملك ، ويتهكم وسط ضحكات الحاضرين .
رواية أخرى على لسانه ( الرئيس ماكرون رجل لطيف ، قال إنه يريد أن يزيد نسبة الجمارك على الواردات الأمريكية الى فرنسا بنسبة ٢٥% ، قلت له ماكرون لو فعلت ذلك ، سأرفع الجمارك على صادراتكم الينا بنسبة 100% هذه الليلة ، قال لا لا دونالد لا تفعل ذلك ، سالغي هذه الزيادة) .
مواقفه مع الرئيس الكولمبي قبل ثلاثة أيام ، حينما اعترضت كولمبيا على ترحيل مواطنيها ، مقيدين ، معصوبي الأعين ، على طائرات عسكرية ، مباشرة فرض ترامب حصاراً اقتصادياً على كولمبيا ، التي اضطرت للرضوخ .
هذا الطبع ( الطفولي) الذي ينتهجه ترامب أنه يصر على مراده ، دون مراعاة لما سيترتب على هذه الطلبات .
بالعودة لعنوان المقال ، أن ترامب رمى بتصريح خطير ، وقال ( اتصلت على ملك الاردن وقلت له لماذا لا تستقبلون أهل غزة عندكم في الاردن ، وقبل أن يستمع الإجابة ، أردف سأتصل بالرئيس المصري ، ليفعل ذلك ) واضح جدا كما أكد كل ضيوف الفضائيات من المختصين بالسياسة والاستراتيجية ، أجمعوا بأن هذه فكرة صهيونية قديمة ، وهي التهجير الفردي والجماعي ، واشعال الحروب ، ونشر الرعب لإجبار الفلسطينيين على إيثار السلامة ، ومن ثم الهجرة خارج أرض فلسطين ، بل وقد كان الهدف الأساس من حرب غزة هذه ، هو إجلاء أهل غزة ، الى صحراء سيناء ، وقد قُدمت إغراءات كثيرة ، ومُورست ضغوط عظيمة على مصر والأردن للقبول بسكان غزة ، تحت بند لأمدٍ قصير ريثما يتم إعمار غزة ، أو لأجل طويل بلا نهاية ، ليصفو الجو لليهود ، وقد ذكر ترامب مرة ، مستطيل غزة كأرض استثمارية ، وتغزل في طقسها المعتدل ، واطلالتها على البحر ( تفكير مستثمر عقاري محض ) .
الخارجية المصرية ، أصدرت بياناً ( قوياً ) يوضح موقف مصر من القضية الفلسطينية ، وتمسكها بمقررات مجلس الأمن والأمم المتحدة ، بحل الدولتين ، وأكد البيان برفض مصر لأي تسوية من هذا النوع ، الذي يختزل حق الشعوب ، ويتجاوز القرارات الدولية .
ملك الأردن عبد الله الثاني ، مضى في ذات اتجاه الرفض للمقترح الصهيوني على لسان ترامب ، وكذلك أبدى مجلس الشعب ، وكُتّاب الرأي ، ونبض الشارع الأردني ، أبدوا الرفض الكامل لهذا المخطط الخبيث .
بعد هذه المواقف التي أبدتها مصر ، وأعلنها الأردن ، سُؤل ترامب عن مصير مقترحه ، بعد هذا الرفض المصري ، الأردني !!!
رد الرجل ، ووجهه بارد بلا أدني إنفعال ، وزمّ شفتيه ، وعبس ، وبسر ، وقال ( ستفعلان) بهذا الإقتضاب المليئ بالصلف ، المٌهين بوقاحة لإرادة الشعوب ، المتجاوز لحقائق التاريخ ، والجغرافيا ، والديمغرافيا .
ولعل الرجل إذ يقول ذلك إنما ينتظر سداد فواتير الدعم الامريكي لهذه الدول ، تماماً كما فعلها ، ويفعلها مع المملكة السعودية ( فاتورة التأمين) وفي خاطره أن هاتين الدولتين لن تقويا على الممانعة ،ولن تستطيعا الصبر والاستمرارية دون الدعم الأمريكي ، وسيقبض يده ، ويُقلّص دعمه ، وينظر في عينيهما ، هل تنكسران ، وتخضعان ، وتتوسلان ، وتنفذا الأمر كما هو مطلوب منهما ، باستقبال نحواً من إثنين مليون ونيفاً من أهل غزة !!!
الإجابة الحاسمة ليست عند مصر ، ولا الأردن ، وإنما هي عند أهل غزة ، صفوة الصفوة في هذا الزمان ، لن يرهبهم تهديد ووعيد نتنياهو ، المدعوم بكامل ( الشدة الامريكية بالسلاح النوعي ) انتصر في خواتيمها الدم الفلسطيني على الصواريخ الصهيونية ، وأرغم الكيان الصهيوني على الخضوع ، واطلاق سراح آلاف الأسرى ، وهو حزين ، دامع ، منكسر ، لا يملك حيلةً ، أمام صور الاحتفالات الغزاوية بالنصر ، والفوز ، والاحتفال بحرية السُجناء والأسرى .
نُثمّن الموقف المصري ، والأردني ، وننتظر ردود فعل أقوى من الشعوب ، لاسناد الحكومات وتعزيز موقفها .

ترامب لن يطول بك البقاء
أما فلسطين فهي باقية وعائدة لأهلها ، وعد الله ،
لا يُخلفُ اللهُ الميعاد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى