راي

بسم الله الرحمن الرحيم ٢١ رمضان ١٤٤٦ هجرية ٢١ مارس ٢٠٢٥ م انحنا القصر ما بنمرق منو

لواء ركن ( م ) د. يونس محمود محمد

بسم الله الرحمن الرحيم

٢١ رمضان ١٤٤٦ هجرية
٢١ مارس ٢٠٢٥ م

 

انحنا القصر ما بنمرق منو

لواء ركن ( م ) د. يونس محمود محمد

العنوان أعلاه هو آخر عهد قطعه ( البعاتي ) على نفسه ، وألزم به أتباعه الأغبياء دون النظر والتدبّر في عواقبه، فهم عُميٌ لا يُبصرون الجحافل تُحيط بهم من كُل حدبٍ وصوب، وتطوقهم وهم في غيهم يعمهون، يقول ذلك ويصرُ مستكبرًا بأنهم لن يخرجوا من القصر؛ لأنه ذاق حلاوته يومًا ما، وإنغمس في نعيمه لسنوات ما بعد ثورة الشؤم، ودخله بلا إستحقاق سوى معادلات القوة، جعل من موكبه ( قاروني ) مسرف الزينة، يتكون من ست عربات ( أوباما ) توأم متطابقة من أجل التمويه ورفع درجة السلامة في حال تم إستهداف الموكب من أي جهة، فلن يُعلم في أيتها مركبة يكون ( الأمير المرتقب ) فضلاً عن رتل العربات المسلحة الصقيلة، وعلى ظهرها نخبة ( الماهرية ) يختالون في ردهات القصر، في مشهد من آلت إليه الأمور،
يستقبله مدير المكتب ( اللواء حسن محجوب ) وطاقم السكرتارية عند المدخل يبذلون التبسّم والترحاب، ويزفونه إلى المكتب ليستوى على عرشه ويتقمص تمام شخصية النائب الأول، وتُتلى عليه قائمة من ينتظر لقاءه من السفراء، والوزراء، والضيوف الكبار، وتوقيتات الإجتماعات، واللقاءات الصحفية والمقابلات، والمحادثات التلفونية المجدولة خارجيًا، ثم يطوف عليه المخدمون في أزيائهم الأنيقة، يقدّمون الأطايب من الطعام، والحلو البارد من الشراب، والساخن من المكيّفات ( شاي، قهوة، كركدي، ينسون، حرجل، جنزبيل، نسكافيه ، ،،،،،، إلخ )
نعم كل ما يطلبه ( الأمير سابقًا ) والبعاتي حاليًا كان مُجابًا، وفوريًا، فما من شركةٍ داخلية أو خارجية إلا ولها شرف العمل مع آل دقلو، فالذهب مكنوز، والأموال مقترفة بالكميّات، والزرع، والأنعام والحرث، كلّه وافر الكيل.
وفي غمرة النعيم هذه حيثُ لا جوع، ولا عُري، ولا ظمأ، ولا ضحى ( عدم السكن ) يدخل عليه شيطان قحط ( عرمان )
ويزيّن له مكتب البرهان، فهو أوسع، وأجمل، وصلاحياته مُطلقة، ليس مقيدًا مثل مكتبك، فما عليك إلا التحرّك خطوات معدودة، تقطع المسافة بينك وبينه، لتجلس على مقعد الرجل الأول، بل أنت أحقّ منه بما تملك من قوات، وأموال، وقاعدة شعبية، وسند سياسي من القوى الحيّة، والتيّارات الثورية، والقونات، والكنداكات، وتجمع المهنيين، والشيوعي، والبعث، والمؤتمر السوداني، والحركة الشعبية شمال، وإتحادات، ونقابات، وخلق كثير، وكثير جدًا، كلهم من خلفك، بل والمجتمع الدولي ( فولكر ) والإتحاد الاوربي ( الترويكا ) بل والإقليم ( الرباعية ) كلهم سندكم في التغيير.
الحقيقة الفكرة مثيرة جدًا، وتحمل في طياتها من الإغراء ما يحفّز على المغامرة، فأغمض (الأمير) عينيه، ومضى خياله يرتاد هذه الآفاق المدهشة، وهو يصافح الرؤساء جميعهم، ويعزف له السلام الوطني والجمهوري والملكي في الإستقبالات، ويخطو على البسط الحمراء، وتتناقل صوره وكالات الأنباء العالمية، ووقتها يستطيع أن يلم شتات أهله العربان في أفريقيا، ويتمكن من السيطرة على ما تبقى من ثروات من مناجم الذهب، والأراضي، والعقارات.
ولكن صوت الحقيقة يزجره، فينتبه، ويلعن الشيطان ويتمتم، فيتبسم ( عرمان الشيطان ) في خبث ويعاود الكرّة، وينذره مغبة دمج الدعم السريع في الجيش، وعندها ستكون مجرد من أسباب القوة، ويمكن للبرهان التعامل معك مجرد ضابط ونزل المعاش، ويتم تغييرك كما تم تغيير آلاف قبلك، كانوا نواب، ووزراء، وقُضاة، وسفراء، وغيرهم، فنصيحتي لك أن تتغدى بهم قبل ما يتعشوا بك.
هنا عقد الأمير العزم، وفعل فعلته بالهجوم على مقرّات الجيش والقيادة، ومنزل الرئيس، والمطارات، وما سبق ذلك من تجهيزات وخُطط، وإعداد.
الأمر الذي ظنّه حاسمًا للموقف بالقوة على الأرض، فقط لأنه إستهان بقوة الجيش، وإستهان بقدارت البرهان القيادية، وبدأت ملامح الورطة بعد اليوم الأول، حيثُ إختلّت كل المعادلات التي بٌنيت عليها المؤامرة، وتم الإستعاضة عنها بخُطط سريعة غير مدروسة،
ثم بدأت طاحونة الجيش في الدوران، حيثُ تعرك رحاها كل يوم زمر الجنجويد، وتدمّر مركباتهم، وتبعثر تجمّعاتهم، وتلاحقهم، وهم يقترفون الإنتقام من المواطنين نكايةً فيهم مقابل فشلهم في السيطرة والحُكم.
وهكذا مضت يوميات القتال، إلى أن جاء اليوم الواحد والعشرين من شهر رمضان المبارك للعام الهجري ١٤٤٦ وهو يوم النصر الكبير الذي دخل فيه الجيش إلى القصر الجمهوري عنوةً واقتدارًا.

وأخرج البعاتي منه برغم وعده وعهده انّه لن يخرج، فخرج ذليلاً مهيضًا تحت ضربات الجيش السوداني والقوات الساندة له، حيثُ عمّت الأفراح كل الشعب السوداني في الداخل والخارج ( *عدا القحاطة بالطبع* ) وغدًا تعود القيادات والوزارات إلى مقارها، ويعود الوطن عامرًا بأهله الممتنين لجيشهم بهذا البلاء الحسن في معركة الكرامة.
أما البعاتي المجرم حميدتي ومن معه من الأغبياء والعنصريين والمرتزقة، فإلى حيثُ يستحقون.

ها قد خرجت من القصر ولن تعود إليه والذي رفع السماء بغير عمدٍ لن تدخله البتّة، أنت وزمرة المجرمين معك.

تقبّل الله شهداء معركة الكرامة.

تقبّل الله شهداء معركة القصر التي إمتزج فيها دم المقاتلين بدم الإعلاميين.

شفى الله الجرحى.
وجزى الله خيرا رجال الجيش وكل من ساندهم خيرًا.

وإنّه لنصرٌ عزيز بحمد الله وتوفيقه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى