راي

مؤامرة الليل … تسقط فى وحل مستنقع خيانتها الآسن

بقلم/ الشفيع احمد عمر

كالسيل المنهمر وببركة السماء تنزل الجيوش على الأرض الفضاء كزخات المطر الوفير ..و السحابات الرواحل تعصر نفسها لتفرح يباس الأديم ارتواء و انتشاء وفسحة ..
نزلت الجيوش على مقاطيع الظلام هادم الحياة و المبثوث فى الأرض كالجراد الخراب الذى أتى على أخضر البلاد وبهرجها ثم استوى على سطح فرح كذوب ما فارق مداه مقدار رجليه و ان تملك الأرجل على طول مراحل المسيرة الضالة وهن و هزال و مكابره ثبات …
فى ذاك التاريخ من قبل العامين وعند الرابع عشر من شهر أبريل و بعد أن رقدت شمس ذلك اليوم على جنبات المغيب ، بدأت حينها خطوات الشر والمؤامرة الخبيثة تسير فى دروب الخرطوم الوادعة الودود ، ذهبت تلك الجماعة المتمردة ترتب أوراقها الأخيرة لتخط تاريخا جديدا وتعد مسرحا عبثيا قاتما لم يكن بالاستطاعة تبيان أو تحديد حتى معالمه ، فجرم المخرجات كان أكبر من كل وصف أو تخيل أو إدراك.. والمطمع الكبير قد أعمى بصائر أصحاب المشروع الهدام ، و تتسارع أنفاس المكيدة حتى تنال مبتغى الختام تربعا على عرش السودان وحكمه و الدخول إلى مرحلة حرجة مسمومة من عمر الوطن الكبير. وبالرغم من أن كل مؤشرات النهاية لدى المليشيا وأعوانها كانت فى خيالاتهم محسومة الأمر عدة وعتادا ، وبعيدا عن أى احتمال لفشل عارض أو كبوة تعطل خطوات سير هذا المخطط غريب الشكل والمضمون والنهايات كليا ….
و انهار جسر الثقة الممدود على آخره لأولئك الطغمة الفاسدة .. بكل أدواتها وتفرعاتها و (القواطر المسحوبة) التبع ، وبوق النعيق الشؤم ، من شاكلة قحط البلاد و أمثالها …
و بدأت نار الخيانة يعلو لهيبها ، وانتشر اشتعالها وزاد ، لتأتى على كل المواقع و الأماكن ، التى أمنتها الدولة لهؤلاء المارقين ، وطعن الوطن فى ظهره حتى انكفأ على وجهه ..لتكون نقطة (البيت الرئاسى) أولى المحطات التى سالت دونها دماء القناديل الزواهر ، وسافرت ارواح الخمسة وثلاثين قنديلا إلى السماء العلى ، و عبر الهدف الأول رأس الدولة والجيش ، إلى حيث مكان الصمود و الجسارة داخل مبانى القيادة العامة للقوات المسلحة ، ليضيع حلم الخيانة العظمى ويفشل أول البنود المهمة فى قائمة المطلوبات العامة و تتبعثر من بعد ذلك أوراق الأهداف المرسومة لخطة التحكم والإحاطة ، لتتلعثم الألسن الكذوبة وتغيب الكلمات الراشدة عن عقول المتوهمين ، ويجثو قائد (رسن) (المحفل) (دولة الشر) على ركبتيه خورا ونحيبا ، فتسقط المليشيا الحقودة فى بلاهة وغرور و انحطاط لم يسبق له مثيل، و لتبدأ عند الجيش الوطنى مرحلة مختلفة أكمل فيها كل الاستراتيجيات و حدد بنك المطلوبات بعناية ، و أدار (الدفة) المعاكسة بمهنية فائقة ، و لتدافع معه زودا عن الحياض حركات الكفاح المشترك و الاحتياطي و كتائب المستنفرين من أبناء الوطن المخلصين فى معركة الكرامة الكبرى ، معركة فصلت بين الحق و الباطل وأوجدت أدبيات جديدة تظل راسخة فى تاريخنا القادم ، محفورة فى ذاكرة الأمة تتناقلها الأجيال المتعاقبة بكل فخر و إعزاز ..
بانت الحكاية و اكتملت فصول المؤامرة وغزت البلاد (ملايش) من تتار الزمان الجديد ودخلت إلى ربعنا بعد أن كنا نستقبلهم كرما و مأوى و كامل حياة ….
كان سيناريو حرب السودان معدا بعناية واحترافية، ودقة .. تهجيرا للشعب ، و طمسا للهوية ، و محوا شاملا لكل العادات و التقاليد و الحضارات الموروثة .. و تنوعت أساليب الدعم و السند بلا حياء و شملت حتى الوجبات المصنعة الجاهزة ، ليكون كل المبذول من أجل كسر عظم البلاد سهما مردودا فى وجوههم ، وتجارة بورا خاسرة المكسب وإن تعاظم سيل المدفوع من مال الخزائن الحرام ..
7 و ليل المؤامرة على البلاد يشتد سوادا وظلمة، لتكون المسافة الممتدة، التى تقطعها أقدام الراكزين ، واسعة ما بين الصبر الطويل الذى مارسته قواتنا الصامدة طيلة فترة العامين المنصرمين ، وما بين الممارسات النازية و الوحشية الشنيعة التى فعلتها المليشيا ، كانت المسافة تتسع لتتقاطع فى منتهى الأمر سقوطا مدويا للمليشيا و لربائبها ، فلم تتحقق الأماني العراض التى تصورتها جماعة الخزي والعار هذه ، بل تغيرت الشعارات الرنانة البراقة إلى قتل وتنكيل ونهب للشعب المغلوب المسامح و تبقى فرية (حماية المدنية والحرية والديمقراطية) التى تبنتها عنوانا عريضا لمرحلتها المقبورة تلك ، تبقى فرسا أعرجا امتطت ظهره ، فتجلت كل مؤشرات المفارقة و ضبابية الفكرة وأحلام اليقظة التى ذهبت أدراج الريح …(ضعف الطالب والمطلوب) ، لتكون خلاصة سباق الرهان الخاسر هذا هروب كبير لهذه الجموع إلى حواضن كانت ملاذا سابقا وعادت ملاذا أكثر وفرة لكن باختلاف الظرف والتفسير وسلوك الواقع الذى تغير ..
تلك هى نصوص المؤامرة الخاسرة التى كتبتها محاور الشر ، و أعدت لها (مجاميع) من حكام ودول تهديدا و ترهيبا بل و أدخلت فى خزائن أموالهم (أثمان) البيع الرخيص ، دون رضا شعوبها و مجتمعاتها …
المؤامرة التى بالمقابل أكسبت الأمة السودانية تماسكا ، و وحدة ، و التفافا عظيما حول جيشها المقاتل الجسور فى معركة للكرامة تبقى فاصلة جديدة فى تاريخ البلاد و منهج فخر كبير يضاف إلى حضارات النيل القديمة فخرا تتناقله الأجيال مجبورة الخاطر ، مرفوعة الرأس ، مليئة بالعزة والكرامة ….
وستزدهر البلاد وتنهض ، و تتفتح مشاريع الاكتفاء والنماء وتعود من جديد دارفور إلى سابق عهدها و ينتصر الوسط المسامح و يعود السودان أكثر ألقا ونضارة وبهاء ….
لتسقط فى النهاية مؤامرة الليل فى وحل مستنقع خيانتها الآسن …..

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى