راي

*أين* *المفر* *يا* *جنجويد

لواء ركن ( م) د. يونس محمود محمد

 

مشاهد الهروب الكبير للجنجويد ، والادبار المتولية تتزاحم على منافذ الخروج الضيقة في سقالة خزان جبل أولياء ، تحمل أوزار ما اكتسبت بالسرقات من ممتلكات الناس ، وتنؤ بالإثم والعار ، وهى خائفة ، مذعورة ، تطلب النجاة وتخلى ما بينها وعصابة( آل دقلو ) من عهد هزيمة دولة ٥٦ ، وسحق الفِلول ، وكسر شوكة الكِزان ، وتسليم البلد للعطاوة وخلاصتهم عيال جنيد ، وتأسيس ملك عضود ، يكون فيه الهالك ( أميرا) كما يحلو للخبيث ( الربيع) أن يناديه ، وبالإمارة ستكون الوراثة هي وسيلة التنصيب لتسنم السلطة .
الهاربون الذين ضاقت عليهم بيوت الخرطوم الفارهة ، والفلل المهيئة ، والحيشان الفسيحة ، والبيئة السكنية الحضرية ، التى وطنوا أنفسهم حين إقتحامها أنها أصبحت ملك أيديهم ، كما عبر عن ذلك أحد صبيانهم الصغار ، وهو مندهش من محتويات المنزل الذي اغتصبه أبواه ، وأدخلاه فيه ، فعبر ( الشافع) عن فرحته وقال ( الخرتوم دي تاريها سمحة كى ، مروحتا بجغوغها جغ ، نحن تاني ما راجعين ) وهو تعبير على بساطته ، الا أنه يلخص تخطيط الكبار ، الذين قصدوا احلال اهليهم مكان الجلابة ، واستحلال حرماتهم ، وتصديقا لذلك جلبوا مئات الآلاف من الأسر من كل مكان داخل وخارج السودان ، لتحقيق الحلم ( الصهيوني القديم ) وهو طرد المواطنين من أرضهم ، وتشريدهم ، والتنكيل بهم لزرع الرعب ، وكسر الارادة ، وبالتالي الاستحواذ على الأرض ، وماعليها ، وحراسته بالقوة القاهرة ، وبالدولة المحروسة بالسلاح الغاشم ، وقد أجازهم في كل ذلك ووافق عليه ، أركان المؤامرة ، جماعة الرباعية بلا استثناء ، والترويكا ، وسفراء اوربا وامريكا ، وغالب دول الجوار ، فضلا عن ( الشيطان) وأدواتهم السياسية لتحقيق ذلك هي ( قحط) بما لديها من استعداد فطري لخيانة الاوطان ، وكراهية الدين وكل من يسعى ليكون للدين دور في سياسة وحياة الشعوب ، ولأن ( القحاطة) عاجزون عن تحقيق ذلك او شيئا منه ، لاعتبارات انهم منبوذون من الشعب المسلم ، فسعوا للاستعانة بكل من يحقق لهم ذلك ، وما ادل عليه من خطاب ( السكران) حمدوك لاستجلاب مندوب سامي ليكون فوق مجلس السيادة ، لحراسة مشروع (التغيير ) الذي يتجاوز في حقيقته ومحتواه تغيير حكم الانقاذ الذي كان قائما الى حكم قطعان اليسار كما هو معلن ، يتجاوزه الى التغيير العميق الذي ظهرت ملامحه الان ، وهو اقتلاع الدولة السودانية من جذورها دولة ٥٦ ، وطمس الهوية السودانية الاسلامية ، بتقافتها العربية ، كل ذلك بالشواهد والاثبات ، فرفض وضع ( إسم الله ) في الوثيقة هو مغالاة تجاوزت ( كفار قريش ) عندما ارتضوا في وثيقة صلح الحديبية ( باسمك اللهم ) ، مضاف اليه تغيير المناهج التعليمية ، والغاء القوانين الضابطة للسلوك ( منع الخمور ، والدعارة) وكثير من مظاهر الفوضى ، وتفكيك الاسرة ، والغاء سلطة الأب على أسرته ، وتقنين الجندرة والنوع ، وهو ( الشذوذ) .
نعم كل هذا وزيادة هو رأس جبل الجليد الذي أوشكت سفينة السودان الاصطدام به ، ومن ثم يبتلعها اليم .
لولا فضل الله وعنايته ، ثم حسن بلاء الجيش السوداني ، الذي تحمل عبء الصدمة الاولى لوحده ، وصد رصاص الغدر بصدور شبابه النُضر ، وكسرَ عنفوان الهجوم المتكرر بصموده وصبره ، حتى مضى من عمر الحرب شهور لتتوافد اليه سواعد المسنفرين تشد من أزره ، ثم عدلت الحركات موقفها ( المحايد) الى موقف الدعم للجيش ، لما رأته من استهداف الجنجويد لمناطقها ، ومواطنيها .
إن مشهد الهروب الكبير هذا ، وأخبار إخلاء قيادات المجرمين للبيوت التى حجزوها وسكنوا ( واستكانوا) فيها ، لهو بينة واعتراف بأن الحرب انتهت ، والهزيمة حاقت بهم ، وماعاد من شئ يوجب القتال لأجله ، والبقاء لشأنه ، فانما هى أحلام تبخرت ، وأوهام أكدت الاحداث خطلها ، وأماني اتضح استحالة تحقيقها ، وهم يرون عواصف القوات المسلحة ومن معها تذروهم بالفناء ، وتحصب وجوههم الشائهة بالرصاص ، وتقلع خيام آمالهم ، وتقلب قدور المؤامرة ، فأذن فيهم الواقع ( الرحيل ،، الرحيل )
ولذلك تخلوا مهمتهم ، ورضوا من الغنيمة بالاياب ، اللهم الا من لعلعة تافه مسروقة ، لن تغنيهم ، بل ستكون عليهم وبالا ، وعلى أسرهم عارا ووصمة .
الجنجويد ( المعردين ) حملوا في ما حملوا من ( كرور) حملوا أحلام ( القحاطة) في الحكم ،
ومخططات الرباعية في الاستحواذ على السودان،
وطموحات ( شيطان العرب) في الركوب على السرج الصعب ( السودان) ليستعرض للماسونية والصهيونية كيف انه ( ركيب) وسايس شعوب ، امتطى سروج ليبيا ، واليمن ، وغيرها ، لكنه الان وقد ( دق الدلجة) قد عرف قدره ومقامه في مواجهة السودان ، وشعب السودان الحر الأبي ، الذي واجه كل هذه العدوانية والشراسة والبطش بالعزل والضعفاء من المواطنين ، بيد الجنجويد والسلاح والدعم الاماراتي ، واجهها بتحد عجيب ، وقدرة على الصمود ، واستعدادا لرد الصاع صاعين بحول الله ، ويكفي خسارة هذا المشروع الكبير الخطير ، وفشل هذا التدبير الماكر ، وبوار هذا الكيد العظيم ، والاموال التي أُنفقت عليه ، فأصبحت عليهم حسرة ، وهاهم يغلبون ، ويهربون هروب الجبناء ، المهزومين ، وستلاحقهم القوات المسلحة والمشتركة والمستنفرين الى حيث هم ، مهما استعصموا بالبعد .

قحاطة يا كوم الرماد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى