راي

يناير ٢٠٢٥م *خطاب البعاتي

 

لـواء ركن ( م) د. يونس محمود محمد

من باب ( *حاكو حاكو* ) قام ببث تسجيل صوتي لما أسموه خطاباً للأمة السودانية، مجاراةً لخطاب السيد رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة بمناسبة عيد الإستقلال التاسع والستون، بإعتباره رئيس البلد، صاحب السلطة الدستورية، والمؤيد من شعبه، والمعترف به من كل دول العالم ومنظماته، بالتمثيل الدبلوماسي، وحضور المجالس والمنتديات الدولية والإقليمية، والذي تأتمر بأمره كل مؤسسات الدولة، مجلس الوزراء، والدوائر الحكومية، والأجهزة الرسمية، والعسكرية، وولاة الولايات، وكل منظومة الدولة والحكومة، هو رأسها ومرجعيتها، ولذلك جاء خطابه من صاحب حق وتفويض وقبول، إلى شعبه وأمة وطنه، مهنئاً لهم بعيد الإستقلال، متلمساً مواضع أوجاعهم ومواسياً جراحاتهم، واعداً بالنصر على هؤلاء الأوباش، قاطعاً وعداً بعدم التفاوض معهم، وقطع طريق عودتهم هم وأعوانهم من الساسة الخونة والعملاء ( *مجموعات اليسار العلماني المعروف بالقحاطة* ) بأنهم لا مقام لهم في مستقبل السودان السياسي، وكذلك يرى الشعب ذات الرؤية، ويعتقد بل ويجزم بذلك.
البعاتي وتيم العمل الفني المتفرغ للدبلجة والإخراج لمشاهد خطاباته المتباعدة حتى يكرسوا حيلة أنه موجود ( *كخيال المآتة* ) حتى يستمر الخداع للرعاع والأوباش من أتباعه بأنه حاضر ومتابع للأحداث والمناسبات الموجبة لظهوره وخطاباته.
بالتأكيد كان الأجدى والأكثر إعتياداً ومنطقية أن يخرج بشحمه ولحمه في بث مباشر ( *حي* ) ليقول كلمته في هذا الشأن أو ذاك، ولكن لأن عملية ( *الإظهار* ) هذه مكلفة من نواحي فنية، وتطبيقات ذكية إصطناعياً ، والإعتماد على مشاهد سابقة تُجرى عليها عمليات التزييف والتزوير والفبركة، مما يعرض صانعي هذا المشهد للنقد والتفنيد من أهل الإختصاص في المعلوماتية والتطبيقات الذكية، ولذلك آثروا السلامة وتوكلوا بإخراج الخطاب ( *تسجيل صوتي* ) ولذلك جاء صوته ضعيفاً كأنه ينادي من قعر جوف عميق، مرتعشاً، جافاً، متناقضاً ( *يحتفي بالإستقلال لدولة ٥٦ ويجتهد في حربها وهدمها وتغييرها بدولة الجنيد والعطاوة* )، فالذين صاغوا لغة الخطاب هم من شاكلته ولا ريب، كرروا نفس مواويله السابقة بحرب الفلول وملاحقتهم، دون أن يعلم أحد تمييز هؤلاء الفلول من غيرهم من الناس، وكذلك ذكرهم الحركة الإسلامية الهاجس الأكبر، والهم الأعظم، لحميدتي، والقحاطة، وبالتأكيد الكفيل الإماراتي، فعن أي أمة وشعب يتحدث، وإلى أي من أهل السودان يوجّه حديثه؟
وبأي وجه ينظر إلى أهل السودان الذين قتلهم بزبانيته وخاصةً أهله الماهرية، وبقية القطعان التي ساقها أمامه كما كان يفعل بتجارة الدواب، من المسيرية، ومن جلبهم من المرتزقة من كافة الدول قريبها وبعيدها، وقد ولغ في الدماء والأموال والحرمات، وبلغ في الإجرام مبلغاً غير مسبوق في التاريخ الإنساني، وشهدت المدن والقرى التي إجتاحوها المجازر الوحشية، وكل هذا لم يحمل التيم العامل لإخراج صوت البعاتي ليعلق على كل هذه المآسي، ولكنهم يجدون ذكرى عيد الإستقلال مناسبة يبثون فيها تسجيلاً بصوته عساه يشكّل حضوراً في أذهان الناس، ومنافسة لخطاب رئيس البلد، إذ كان يقول في أيام مجده ونعمته يقول لخاصته وأهله ( *أنا والبرهان قرنين في رأس بقرة* ) بمعنى نظيران متساويان ولا سلطة للبرهان عليه.
هذا المسخ ( *البعاتي* ) لم يدر أنه عدو الله وعدو الشعب السوداني قاطبة ( *عدا القحاطة* )، وأنه مجرم مطلوب للعدالة، وأن كل منتسبي الجنجويد ( *متفلتين* ) هذه الحيلة البائرة للتملص من الجرائم، وهم من وثق لها، بقياداتهم المعلومة، ووجوههم القترة، وشعاراتهم العسكرية، وعرباتهم المسلحة، وأجهزتهم الظاهرة في أيديهم، وناطقيهم الرسميين، الذين طالما أعلنوا عن رغبتهم في قتل الشماليين، وإنتهاكهم كما قال ( *الخائب بقال* ) و( *المعتوه الربيع* )، بل نسي هذا المسخ أنه ذكر في تسجيله المصور السابق، أنه توعّد قبيلة الشايقية كلها بالويل والثبور، فأين يقع هذا في ( *باب التفلت* ) .
إن مثل ( *حميدتي*) في الغباء والتهور وعواقب الخسران ستجري به ألسنة البشرية إلى حين من الدهر طويل، إذ توافرت له ظروف لم تتوافر لأحد من قبله في أهل السودان على مر تاريخه، وبإيقاع سريع جداً، إذ قطع المشوار من تجارة البهائم والبيع بالقطاعي، إلى القصر الجمهوري نائباً للرئيس فقط في غضون سنوات عشر ، وصاحب أكبر ثروة ذهبية، وعقارية، وتجارية، يديرها مختصون في المال، والبنوك، والزراعة، وتربية المواشي، وأصبح مزدحم الأبواب تضرب له أكباد الإبل طمعاً في وصله، ورغبةً في مودته، ما غادر إدارة أهلية ولا طريقة صوفية، ولا ساسة، ولا صنّاع رأي إلا وإلتمس عندهم صفقة تبادل للمنافع ، فكان حاضراً ( *وبالغانون* ) كما يقول هو، ولكنه البطر، ومكر الله الجبار، أخذه أخذةً رابية لم تفلته ، وتفرق مُلكه، وتبدّد ماله ، وإنفض سامره، وقلبت له الدنيا ظهر المجن، وأرته ما لم يكن يحتسبه، وتقطع كل ما كان بينه وأهل السودان، الذين يعلقون كل ما أصابهم في عنقه.
أيها البعاتي الشقي:
لو تعلم أن الأمر قد إختلف فمن تتوعدهم بالملاحقة هم الذين يلاحقون بقايا مجرميك، وشراذم مرتزقتك المحاصرين في جيوب ضيقة من الفاشر، والزُرق، والمالحة، ووادي هور، وسهول كردفان شمالاً وغرباً وجنوباً، والجزيرة، وأزقة الخرطوم.
إنتهى الدرس يا غبي، وأغبى منك الذين راهنوا عليك بغلاً يسابق عواتي الجياد العاديات ضبحاً، توري القدح في صباحات المغارات لتسيء صباح الجنجويد.

*وما النصر إلا ساعة صبر* .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى