صناعة الوعي الاستراتيجي لمعركة الكرامة: المقاومة الشعبية مدخلاً لتنمية المجتمع

في ظل ما يشهده السودان من مهددات وجودية طالت الأرض والإنسان والهوية، تأتي معركة الكرامة كعنوان كبير لرفض الذل، ومواجهة الاحتلال الداخلي والخارجي، ومقاومة مشاريع تفكيك الدولة والمجتمع. غير أن المواجهة لا تكتمل بالسلاح وحده، بل تحتاج إلى صناعة وعي استراتيجي يعيد للمجتمع السوداني بوصلته، ويحدد له عدوه من صديقه، ويعزز قيم المقاومة والبناء في آن واحد.
الوعي الاستراتيجي… ضرورة لا ترف
الوعي الاستراتيجي هو القدرة على فهم الواقع بعمق، وتحديد الأولويات، وربط الأحداث بسياقاتها، واستبصار المستقبل بناءً على قراءة واعية للماضي والحاضر. في معركة الكرامة، لا بد من توجيه هذا الوعي ليشمل كل فئات المجتمع، وليس فقط النخب أو الطبقة السياسية، فالشعب الواعي هو الشعب القادر على الصمود، وعلى إفشال كل محاولات اختراق إرادته أو بيع قضاياه.
المقاومة الشعبية… سلاح الضعفاء وأمل الشعوب
المقاومة الشعبية لا تعني فقط حمل السلاح، بل تعني رفض الظلم والاستلاب بكل أشكاله، من خلال دعم الصمود، وتعزيز التكافل، ومقاطعة أدوات العدو، وصناعة البدائل الوطنية في الغذاء والدواء والتعليم والإعلام. وهي لا تقوم إلا على وعي جمعي يتجاوز الخوف، ويحتفي بالشهداء، ويصنع من كل مأساة دافعاً للأمل والتحدي.
من المقاومة إلى التنمية… كيف نربط المسارين؟
إن المقاومة الشعبية الناجحة ليست نهاية الطريق، بل بدايته. فكل مقاومة صادقة يجب أن تؤسس لتنمية عادلة وشاملة. المجتمع الذي يدافع عن كرامته، يجب أن يُمكن من أدوات الإنتاج، وأن يُنصف في موارده، وأن تُبنى له مؤسسات قادرة على تأمين حياته الكريمة بعد التحرر. ولذلك، فإن ربط معركة الكرامة بمسارات التنمية ضرورة وطنية، تضمن أن لا يُختطف النصر من أيادينا مرة أخرى.
أدوار متعددة ومسؤوليات جماعية
في هذا السياق، تبرز أدوار:
العلماء والمثقفين في توعية الناس بخطورة المرحلة.
الشباب في قيادة مبادرات المقاومة والتنمية.
المرأة في صناعة التماسك المجتمعي.
المجتمع المدني في تقديم الخدمات البديلة عن الدولة المختطفة أو المنهارة.
الإعلام الوطني في بناء السردية الصحيحة للمعركة وربطها بالتحرير والبناء معاً
إننا نخوض اليوم معركة كرامة تتجاوز ميادين القتال إلى عمق النفوس والعقول. وصناعة الوعي الاستراتيجي ليست رفاهية فكرية، بل ضرورة وطنية لإفشال مشروع التذويب والتهجير. والمقاومة الشعبية، حين تتسلح بالوعي وتُدار بالتخطيط، يمكن أن تصبح المعبر الحقيقي نحو سودان جديد، يسترد كرامته ويبني مجتمعه بإرادته الحرة.