*همس الحروف* *مجدي أمين نموذج حي للأمل و الإخلاص في زمن تلاشت فيه هذه القيم
بقلم/د. الباقر عبد القيوم

*لقد علمتنا الحياة أن أكثر الدروس التي يجب أن نتعلمها ، هي الأمل و حسن الظن في الله ، ففي عمق هذه الحرب التي محصت الرجال ، و كشفت الأقنعة عنهم ، أبرزت لنا نفاسة معدن من إحتفظوا بنبيل القيم التي نحتاجها لتجاوز المحن ، فهكذا كانوا يثبتون لنا في كل لحظة أن أمر المؤمن كله خير ، في السراء أو في الضراء ، لأن حقيقة الإيمان هي الرضا بالقضاء والقدر ، فأمثال هؤلاء الرجال الذين يبرزون في الأوقات الصعبة ، فهم بمثابة شعاع من الأمل في عالم يعاني من الفقد في كل شي يحتوي على قيمة ، فهؤلاء هم السند ، و يمدون يد الإخاء دون أن يتطلبها أحد منهم ، و يزرعون المحبة والطمأنينة في قلوب من حولهم ، فهم بالفعل سفراء إنسانية حقيقية ، و يمكن القول بأنهم أثبتوا لنا أن في أصعب الظروف تنبت أجمل العلاقات و أكثرها صدقاً .*
*فمن هؤلاء عرفنا رجل يدهشك بإبتسامته المشرقة منذ الوهلة الأولى ، و تظل ملامحه هاشة و بشوشة ، و يملك قدرة عجيبة على إثبات وجوده في اي المكان ، فبمجرد حضوره تثبت لك ضحكته بأنها ليست مجرّد صوت عابر يعبر عن لحظة تستوجب الضحك ، بل هي إشراقة تبعث التفاؤل في النفس ، و يشعرك و كأنك تعرفه منذ سنوات ، رغم أن كل شيء بينكما جديد ، إنه مجدي أمين ذلك الشخص الجميل الذي يملك القدرة على فتح أبواب القلوب دون أن يبذل جهداً عظيماً ، فحسن معشره و طريقته في التعامل تجعل الجميع يشعرون بالراحة والطمأنينة لوجوده في المكان ، لأنه يمتلك قدرة فائقة على كسب قلوب الناس ، و يبرز ذلك الجمال منذ الوهلة الأولى كما أشرت لذلك آنفاً ، إنه رجل تمرس كيف يصل إلى أعماق الناس من دون أن يخبرهم بالكثير ، فهذا الرجل يملأ المكان بالود والترحاب ، ويجعل كل لحظة معه فرصة للخير و المودة .*
*الاستاذ مجدي أمين حينما يدخل إلى المكان ، يتحول كل شيء من حوله إلى مصدر للبهجة والراحة ، و كذلك نجد ذلك الجمال في من كان سببا في معرفتنا به ، و يقاسمه هذا الشيء ، و هذا يؤكد لنا حقيقة المثل الشائع الذي يقول : (الطيور على أشكالها تقع) ، فالأستاذ عاصم البلال كذلك يشعرك بأن كل شيء في الحياة يستحق أن يكون جميلاً ، لا يتكلف الأمور و كلاهما من نفس الطينة ، فنجد ان فرحتهم بلقاء الناس ليس مجرد ردة فعل عابرة للترحيب ، بل هو سلوك تربوي يتعلم الناس منهما فن التعامل ، و يوقظا في الناس التفاؤل ، ويُذكرا بأن الدنيا ما زالت بخير و أن وراء كل لحظة صعبة ، فرج و فرح .*
*حدثني أحد الإخوة السفراء في وسط جمعني به مع كوكبة نيرة زملاء مهنته ، قال لي : حينما كنت في القاهرة ، واجهتني مشكلة في حسابي البنكي ، فقررت التواصل مع موظف في بنك الخرطوم عبر الهاتف ، لم أكن أعرفه شخصياً ، ولكنني أخبرته أنني من طرف فلان ، وهو شخص معروف لديه و قد تواصل معه سابقاً بخصوص مشكلتي ، فشرحت له الموضوع ، وبعد أن تأكد من صدقي و أني بالفعل الشخص المعني ، ساهم في حل المشكلة بكل أريحية وسرعة و تفاني ، مما جعلني أشعر بالإطمئنان و أنا بعيد عن بلدي .*
*و أضاف السيد السفير قائلاً : عندما عدت إلى السودان ، إلتقيت برجل في الفندق ، و كان هذا الرجل يملأ المكان بحيويته ، و عرفت من أحد الجالسين بأنه يعمل في إدارة بنك الخرطوم ، فحاولت أن أذكر له اسم ذلك الشخص الذي ساعدني في حل مشكلتي ، كي يحصل على الإشادة من كبار الموظفين أمثال هذا الرجل ، فقلت له : (اسمه مجدي) ، ففاجأني بقوله: هل تعرف رقم هاتفه؟ ، فأجبته: ب (نعم) ، فقال لي: (اتصل به الآن ). ، وعندما اتصلت ، رن الهاتف في جيبه ، و حينها تأكدت أنه هو الشخص الذي أقصده .*
*إستطرد السيد السفير : (في تلك اللحظة ، أدركت أن شخصاً مثل مجدي لا يتكرر إلا نادراً ، وأنه مثال حقيقي للصدق و الإخلاص و الوفاء ، و لا يمكن أن تمر مثل هذه المواقف دون أن تترك أثراً عميقاً في قلوب كل الذين يتعاملون معه ، فالشخص الذي يساعد الآخرين ، و يعكس كل معاني الإنسانية في تعامله ، هو بلا شك شخص يبقى في الذاكرة مهما مر الزمان .*
*هذا الرجل عندما تتحدث إليه ، تشعر و كأنك تحدث صديقاً قديماً ، رغم أن اللقاءات بينكما قد تكون قليلة جداً ، فهو ذلك الشخص الذي يجعلك تشعر بأن الزمن لا يهم أبداً ، لأن القلوب تتواصل بلا حدود كما قيل في الأثر : (الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها إئتلف وما تناكر منها اختلف) ، فهذا الرجل الجميل لديه القدرة الفريدة على كسب الناس بسهولة فائقة ، ليس بالكلمات وحدها ، بل بالإحترام و الصدق اللذين ينقلبان إلى محبة تلقائية ، و يكمن سر ذلك في وجوده البسيط و غير المتكلف ، فهو يعرف كيف يخلق بينه وبين الآخرين روابط عميقة ، من دون أن يشعر أحدهم بأنّ هناك جهداً مبذولاً .*
*دائماً صدق النوايا ، و وضوح الرغبة في إحداث تغيير إيجابي في المجتمع دون التمييز بين طبقات الناس حسب قدرية منحة الأرزاق في هذه الأيام التي يكثر فيها التوتر و القلق فهذا أمر جيد ، فحينما ينعم الله علينا بمثل هذا الرجل ، أو بمثل الرجل الذي كان سبباً في معرفتنا به يعتبر بمثابة البلسم الذي يعيد التوازن للنفوس ، ويذكرنا بأن الحياة ليست دائماً عن السعي خلف أمور الدنيا ، بل يجب التوقف ، و إعادة التقدير ، و نثر الابتسامة الصادقة .*
*حفظ الله الأستاذ مجدي أمين و الاستاذ الإنسان عاصم البلال ، و رعاهما و سدد خطاهما .*
*و الله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل*