القرار المفقود والعدالة المستعادة: تدخل رئيس الوزراء يكشف ملابسات محاولة شل المجلس الأعلى للحج والعمرة
في خطوة طال انتظارها، تدخل رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس بحسم في ملف المجلس الأعلى للحج والعمرة، آمرًا بفتح تحقيق شفاف حول الملابسات التي أحاطت بالقرار المثير للجدل رقم (129)، والذي اجتاح الوسائط الإعلامية دون أن يكون له أثر في سجلات مجلس الوزراء. هذا الغياب الرسمي يُعد خللًا قانونيًا فادحًا، ويؤكد بطلان القرار من حيث الشكل والمضمون، ويفتح الباب لمحاسبة كل من تورط في محاولة خلق شلل مؤسسي داخل أحد أهم أجهزة تنظيم الشعائر الدينية في البلاد.
اللافت أن القرار رقم (129) المنشور رسميًا حمل فقط إقالة الأمين العام لمجلس الوزراء، دون أن يذكر سواه، ولم يتضمن أي إشارة إلى الأمين العام للمجلس الأعلى للحج والعمرة. وبالرجوع إلى السجلات، لا يوجد بطرفنا أي قرار يحمل نفس الرقم لإقالة الأخير، ما ينسف الادعاءات المتداولة ويكشف عن محاولة تضليل للرأي العام وتجاوز واضح للصلاحيات.
هذا التناقض في الوثائق الرسمية يطرح تساؤلات قانونية وسياسية حول الجهات التي سعت لتزوير الإرادة المؤسسية، ويؤكد أن التدخل الأخير لرئيس الوزراء لا يُعد فقط تصحيحًا لمسار إداري مختل، بل يمثل انتصارًا لمبدأ الشفافية واستعادة هيبة الدولة.
من داخل المجلس الأعلى للحج والعمرة، عبّر عدد من الأعضاء عن ارتياحهم لهذا التدخل، مؤكدين أن المؤسسة تعرضت لمحاولات إقصاء غير قانونية، وأن التحقيق المرتقب يجب أن يشمل كل من تورط في إصدار أو ترويج قرارات غير معتمدة. كما دعا قانونيون إلى مراجعة آلية نشر القرارات الحكومية، وضمان عدم تكرار مثل هذه الثغرات التي تهدد الثقة في مؤسسات الدولة.
إن ما حدث لا يجب أن يُطوى دون محاسبة، فالمؤسسات الدينية والإدارية ليست ساحة للتجريب أو التلاعب، بل هي ركيزة للثقة الوطنية. والتحقيق الشفاف الذي أمر به رئيس الوزراء هو بداية لاستعادة هذه الثقة، وتثبيت مبدأ أن لا أحد فوق القانون.