معايير الاختيار لحكومة الأمل: خارطة الطريق نحو إعمار السودان بعد الحرب
رجاءات صباحية د. رجاء محمد صالح احمد ٤/٧/٢٠٢٥ م

في خضم معاناة وطن مزقته الحرب، وأمام آمال شعب ينتظر النور في آخر النفق، تبرز مسؤولية جسيمة على عاتق رئيس الوزراء د. كامل إدريس، الذي جاءت مبادرته بتشكيل “حكومة الأمل” كخطوة فارقة نحو الخروج من واقع مأساوي إلى مستقبل واعد.
إن حكومة الأمل ليست مجرد تشكيلة وزارية، بل مشروع وطني متكامل لبناء دولة ما بعد الحرب، يتطلب معايير دقيقة في اختيار شخوصها، وضوابط أخلاقية ووطنية تعيد ثقة المواطن في الحكم وتفتح الباب لعهد جديد من الشفافية والكفاءة. وفي هذا السياق، يمكن إبراز أبرز المعايير التي يفترض أن تُراعى في اختيار هذه الحكومة المفصلية:
1. الكفاءة والتخصص
لا مجال في هذه المرحلة للمجاملات أو المحاصصات. يجب أن تقوم حكومة الأمل على اختيار وزراء وخبراء يمتلكون الكفاءة الأكاديمية والخبرة العملية في مجالاتهم، خصوصاً في القطاعات الحيوية مثل التعليم، الصحة، الاقتصاد، البنية التحتية، العدالة، والسلام المجتمعي.
2. النزاهة والسجل الأخلاقي
المرحلة المقبلة تتطلب شخوصاً نزيهين لم تتلطخ أيديهم بالفساد أو التسلط. يجب أن تكون الشفافية مبدأً أساسياً في اختيار المسؤولين، ويُعلن عن سيرهم الذاتية وممتلكاتهم ومواقفهم السابقة أمام الرأي العام.
3. الروح الوطنية الجامعة
حكومة الأمل ليست حزباً سياسياً ولا امتداداً لفكر أيديولوجي، بل هي حكومة لكل السودانيين. على من يقع عليهم الاختيار أن يكونوا رموزاً للوحدة لا للخلاف، قادرين على مخاطبة ضمير الأمة، والاستماع لصوت الشارع والمهمّشين والنازحين وضحايا الحرب.
4. تمثيل التنوع الجغرافي والاجتماعي
لا بد أن تُراعي الحكومة المقبلة التمثيل العادل لكل أقاليم السودان، مع ضمان مشاركة الشباب والنساء وأصحاب الهمم، ليس كزينة، بل كقوى فاعلة في القرار والتنفيذ.
5. الالتزام ببرنامج وطني واضح
ينبغي ألا يكون الوزراء أفراداً يعملون بمعزل عن بعضهم، بل فريقاً وطنياً منسجماً ملتزماً ببرنامج “إعادة الإعمار والإصلاح” الذي يضعه رئيس الوزراء بالتشاور مع القوى المجتمعية والنخب الأكاديمية والخبراء في الداخل والخارج.
6. القدرة على التواصل والتأثير
نحتاج إلى وزراء لا يعيشون في أبراج عاجية، بل ينزلون للميدان، يسمعون صوت المواطن، يشرحون السياسات بوضوح، ويخلقون شراكات مع العالم الخارجي دعماً لمشروعات الإعمار والتعافي الاقتصادي والاجتماعي.
7. الاستقلالية والحياد السياسي
في مرحلة الانتقال الوطني، يجب أن يكون الاختيار بعيداً عن المحاصصة الحزبية أو الولاءات السياسية الضيقة. السودان أكبر من أي حزب، والأمل لا يصنعه الانحياز بل الاستقلال والحياد والعدالة.
حكومة تصنع الفرق لا التاريخ
يُعوِّل السودانيون اليوم على د. كامل إدريس أن يتجاوز أخطاء الماضي، وأن يقدم نموذجاً جديداً في إدارة الدولة السودانية. حكومة الأمل ليست نهاية الطريق، لكنها البوابة الأولى نحو وطن يعاد بناؤه على أسس سليمة: الإنسان، والحق، والعدالة، والتنمية.
إن الأمل لا يُمنح، بل يُبنى. وحكومة الأمل ليست هبة، بل مسؤولية بحجم وطن ينزف وينتظر.