راي

مهلك جلحة وورطة الجنجويد

لـواء ركن ( م) د. يونس محمود محمد

 

مراقبون كُثر ، ومحللون ، سبقوا بالتنبؤ لمآلات الدعم السريع؛ لأنهم فحصوا فحواه ووجدوه تافه المحتوى ، لا يقوم على ساق ولا يملك بينة أمره، ولا يمت للرشد بِصلة، ولذلك وضعوا سيناريوهات النهاية ( *التراجيدية* ) ولم يغشي عليهم الفعل ( *action* ) ذو الإيقاع الدرامي المتسارع لإستلام السُلطة، وما سبقه من حضور في المشهد في ( *مسرح الحياة السياسية* ) التي شكّل الهالك حميدتي البطولة المُطلقة، فهو رئيس اللجنة الإقتصادية، ورئيس لجنة إتفاقية سلام جوبا، وقائد قوات الدعم السريع، ونائب رئيس مجلس السيادة، وما يتبع هذه الوظائف من مهامٍ وتكاليف، وإجتماعات، وسفريات، وتصريحات صحفية ولقاءات إعلامية، الأمر الذي شكّل المدخل الرئيس إلى الفتنة.
لكنه لم يستطيع أن يُخفي العيوب ( *الخَلقية والخُلقية* ) لهذا الكيان الذي نما كما تنمو النباتات الطفيلية في غياب الزارعين، فأساس البناء فيه القبيلة ببُعدها العنصري، والإلتفاف حول المكاسب المادية الحاضرة، في فترة سيادة ( *القحاطة* ) ، والمصالح الشخصية، ولو على جثة الوطن، وتكفي نظرةً واحدة لرجال الصف الأول، كلهم على قيد إسم واحد، يهيمنون على الدعم السريع كشركة خاصة، والبقية لن يعدو أن يكونوا عاملين مقابل أجر.
هذه الروح المخبوءة بين ثناياه كامنة كمون النار في العود، فقط تنتظر اللحظة المواتية للإلتهاب، ورمي الشرر، وإندلاع الحريق، وقد كان، إذ لم تجف أحبار من تنبأوا بهذا المآل، حتى صدقت توقعاتهم يوم ١٥ أبريل للعام ٢٠٢٣ م حيثُ رأى أهل السودان ما لم يخطر لهم ببال أبدًا، إذ أغرقهم هذا الطوفان القبلي في دوامة حرب ضروس، وإنبرى نفر منهم ليملأ الساحات الرقمية، والإعلامية، بنذر ما ينطوي عليه مشروع العطاوة، وكان الهالك ( *جلحة* ) من أسوأهم، يُرسل التهديد والوعيد، ولا يستثني من ذلك احدًا، ولأنه من تصنيف قبلي ( *أدنى* ) بقياسات الماهرية ( *أهل الجلد والرأس* ) لم تشفع له مواقفه، ولا الجرائم التي إرتكبها في الناس، حيثُ مارس مع قواته أبشع أنواع البطش بالضعفاء والعُزل، ونهب كل ما وقع تحته في مدني وقرى الجزيرة، حتى إستطاعت القوات المسلحة ومساندوها تحرير ولاية الجزيرة، هرب بمن بقي من مجرميه، إلى كردفان، الأمر الذي ساء ( *السادة الماهرية* ) ثم توالت عليهم الهزائم، وكشفت رياح غضب الجيش، كشفت ما كان يخبئه الماهرية من تربص وزراية ( *للمسيرية* ) بالتحديد، وقد ظهر ذلك في حملات التشهير والتداول في الوسائط، بما ملخصه ما المسيرية إلا ( *بندقجية* ) في الدعم السريع، وأي خروج على النص المكتوب ( *كما خرج جلحة* ) فإن العاقبة هى الإعدام والتصفية، دون خشيةٍ من أحد، ليصبح دم جلحة مجرد ( *خادم في مال سيده* ) لا بواكي له، ولا عاقبة ثأر وقصاص.
إن حادثة تصفية جلحة أتت لتؤكد البناء الضعيف المتناقض، الذي قام عليه تمرد الدعم السريع، وتفضح خواءه الفكري من أي قضية، يدافع عنها بعض ( *مستشاريه* ) في القنوات الفضائية، بطرق غاية في تعمّد الكذب، وممارسة التضليل، فقط لإرضاء من يدفع الراتب والمخصصات.
هذه الروح الإستعلائية، والممارسات العنصرية هي التي عجّلت بنهاية الجنجويد التي يستحقونها، ما بين القتل، والأسر، والهروب، تاركين وراءهم أسوأ السِير والحكايات، التي ستبقى شاهدًا عليهم في مشوار القصاص القريب إن شاء الله.
إن أمثال جلحة ( *كُثُر* ) وجدوا أنفسهم في المكان الخطأ، ولم يسعفهم حظ، ولا عقل، ولا وصي، أن يراجعوا ما هم عليه من غواية وضلال حتى فات. الأوان، فهو اليوم بين يدي حكم عدل ( *جل في علاه* ) تخاصمه الأنفس التي أزهقها بلا سبب، والأضرار التي أحدثها والفساد الذي تعمده.
أما مشروع ( *آل دقلو* ) فقد تكفّل الشعب السوداني ألا تقوم له قائمة أبد الدهر في السودان بحول الله، وقد صدقت القوات المسلحة وكل مسانديها ما وعدت به، وهو هزيمة وسحق هذا المشروع الخبيث، وكل أدواته العسكرية، والسياسية، الداخلي منها والخارجي، وقد غيض الله تبارك وعالى لهم نصرًا عزيزا، تبدو الآن قسماته كما يتبدى الضياء مع تنفس الأصباح، وتُشرق الآمال معه، حيث اللهفة لتلقي الأخبار والبشارات هي روابط الإخاء والمودة والمصير بين سائر أبناء السودان ( *عدا القحاطة بالطبع* ).
هلك جلحة، وأراح الله منه، وهلك قبله ( *حميدتي* ) ولكن قصة تيراب البنية وأساطير المجتمع السوداني أصبحت دولية، في معرض الكوميديا السوداء.

جيش بحري شرقت الناس بالفرح.
*حفظكم الله ونصركم وجزاكم عن السودان خيرًا*.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى