راي

*ملاحم ومعالم من معركة الكرامة*

لـواء ركن ( م) د. يونس محمود محمد

 

يصفها ويسميها بعض اعلام الإثارة ( الحرب المنسية) بمعنى أنه لم يعد يعبأ بها أحد، ولا يهتم بمجرياتها ويومياتها الحربية، وذلك شأن التطفيف الذي جبل عليه صناع الإعلام الموجّه، خادم الإستراتيجيات الطامعة في تبديل وجه العالم، وأنماط الحياة، وأساليب العيش، وحقائق الإعتقاد، وذلك كله في سنن التدافع، والصراعات الصامتة والصارخة التي تغزلها عقول النخب الماسونية، وتفتل حبالها الأيدي العاملة الرخيصة.
هذه الحرب التي إنعقدت نواياها منذ أمد بعيد، ربما في ذواكر التاريخ وموقف السودان الذي يصطف ابدًا مع ( *الإسلام* ) ، وليس أقرب من ذاك موقف الرئيس جعفر نميري ( *رحمه الله* ) وقوانين الشريعة، وتمرد قرنق، وإنسحاب شركات البترول من الحقول البكر في هجليج وفلج، ونذر الحصار والإنقلاب عليه بأحزاب العلمانية ذات الرداء الأخضر ( *القصير المثير* ) ووصفها قوانين الشريعة ( *بأنها لا تسوى قيمة الحبر الذي كتبت به* ) وتلك مرحلة من مراحل فك الإرتباط، وقطع العُرى مع حاكمية الإسلام، التي تمثل لُب قضية الحكم، ومناط الصراع السرمدي بين الحق والباطل، وبين الطُهر والعُهر، وبين الإيمان والكفر، نعم بهذا الوضوح أكره السودان على سلوك هذا الدرب، وتقحم هذه العقبة، حتى يخضع ويذل لصانع هذه السياسات، وصاحب هذا التدبير.
ولكن للسودان ربٌ يحميه، فما كادت تزل قدمه على حواف الهاوية حتى غيض الله له ( *الإنقاذ الوطني* ) يتفق الناس حولها ويختصموا، إلا أنها قد حمت السودان من كثير مما كان يتربص به، وأجلت إلى حين هذا المدخل الحرج الذي يقف فيه الآن، وعالجت مشكلاته بحكمة ودراية، تجاوزت بها مزالق كانت معدة بخبث ومكر كبيرين، وكان عمادها في ذلك كله بعد فضل الله تعالى ( *الجيش السوداني* ) الذي يقع أغلب الحمل على أم رأسه، ولم يخذل أمته في كل مراحل التحديات التي مرت بها، ونجح في ما فشلت فيه ( *الأحزاب والنخب السياسية* ) في أن تؤسس لشعبها قواعد الحياة وتقيم أركان الدولة، وتشيد بيئة الحكم الراشدة في المستوى المقبول.
ثم جاءت كرة ( *القحاطة* ) مسنودين بكل تربص السنوات، والمكر الكُبّار، مدربين على التلصص تحت جيوب العورات، مجاهرين بالفسق، مترعين بالفساد، غارقين في الخطايا، ممتلئين بُغضاً للدين بوجه خاص، وكل من تمسك بالدين بوجه عام، جاءوا في عجلة من أمرهم ليبدلوا وجه السودان تبديلًا، وكان أول أهدافهم ( *الجيش* ) لما يعلمه محرضوهم، عنه أنه الظهير الحارس، وبتفكيكه كما عملوا له، سيسهل تفكيك ما تبقى من الجغرافيا، والناس ، ومن ثم الدين ، والأخلاق ، ولكن ( *الجيش* ) أيضًا كان في الموعد لا يخلف عهده مع شعبه، فتصدى للمؤامرة، وكشف قناعها ( *الديمقراطي الزائف* ) ليرى الشعب قبح المنظر والمظهر للعلمانية الكافرة الفاسقة، المستندة بلا حياء الى كل أعداء السودان بالأصالة والوكالة، وإذ وجدوا أنفسهم كذلك رموا بآخر ما عندهم من رهان وهو ( *الحرب* ) حتى يرغموا ( *الجيش* ) على الخضوع، ولأنهم أعدوا لذلك الأمر تمام عدته، أخذتهم نشوة قبلية، أي قبل حسم الصراع أعلنوا نواياهم، وما هم عليه.
غير أن ( *الجيش* ) وللمرة الألف جاهز ليرد كل متغول، ويردع كل صائل، فأراهم من نفسه قوةً وبأسًا لا عهد لهم به، والآن يقترب الصراع من بلوغ عامه الثاني، تأكد لهم جميعًا ( *الجنجويد* ، *والقحاطة* ، *وكل من وقف معهم* ) لهم أن مجرد حشد السيارات القتالية، والمدرعات، والكورنيت، وأسلحة القنص، والطيران المسيّر، والألغام، ليس كافيًا لتحقيق نصر سريع ولا بطيء، إنما الإرادة واليقين بالحق، وشرعية الموقف، وإسناد الشعب، هو الذي ينتصر ولو بعد حين.
وها هي المعركة الآن في خواتيمها بإذن الله، لم يبق منها شيء كثير غير مواويل البكاء في الأجهزة، والوعيد الباطل، والقول الهراء، الذي يجري على مدمني الكذب ممن تسموا بمستشارين للجنحويد، يصنعون وهم النصر بالنفخ في جثة ( *القضية* ) النافقة على قارعة الطريق، تنتشاها الهوام تماما كما انتاشت أجداثهم المبعثرة في الطرقات، ومنعرجات دروب الهروب، وداخل الأعيان والأبنية، وحتى داخل براميل النفايات، وفق ما يستحقونه من ذلة في الحياة والممات، متحدثون رأس مالهم من المعرفة الإنتماء القبلي، المتكتل في وجه شعب السودان الأصيل، يريد أن يشد سرجه على ظهر وطن، ليركب عليه أشقى الناس، وألعنهم، وأسوأهم طوية، وأخبثهم نفسًا مليئة بالغدر، وضيعاً ذنيماً، رهن نفسه ( *للشيطان* ) لينفذ به رغائبه غير السوية، في الإستحواذ على أرض السودان وما عليها ومن عليها خدمةً لمشروع المؤامرة.
إن ما يقوم به ( *الجيش* ) هذه الأيام على المحاور المختلفة من الفاشر بصحبة القوات المشتركة، وما يجري على أرض كردفان الغرة من ملاحم، وما يتم من حسم في محاور بحري الحبيبة، لهو معلم من معالم البطولات التاريخية، ومواقف أسطورية أبعد من الخيال،
حيث يحتشد شباب كتائب البراء بن مالك، المجاهدون مع الجيش في تلاحم وطني رائع، وهم يطوون الأرض من تحت أقدام ( *الجنجويد* ) وعيون وأفئدة أهل السودان تتبعهم بلهفة وإعجاب، وتلهج الألسنة لهم بالدعاء.
إنها معركة الكرامة ( *إسمًا على مسمى* ) بها نسترد كرامتنا التي حاولت مجموعات اليسار العلماني بيعها للمقاول الإقليمي حتى تحكم هي بلا كرامة.
حفظ الله متحركات الجيش حيث ما حلت وإرتحلت.

*والنصر حليفهم بحول الله وقوته*.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى