راي

ما ظننتم أن يخرجوا*

لـواء رُكن (م) د. يـونس محمود محمد

 

قال تعالى في سورة الحشر : { *مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُواْ ۖ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ فَأَتَاهُمُ ٱللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ ۖ * } صدق الله العظيم

الخطاب كان لثُلة المؤمنين الموحّدين المجاهدين الذين ينضوون تحت لواء بقيادة النبي ﷺ وذلك في حصار يهود بني النضير في المدينة في السنة الرابعة للهجرة ، بعدما خانوا العهد والوثيقة الموقّعة بألا يحاربوا المسلمين ولا يظاهرون من يحاربهم، فغدروا كعادة اليهود و ( *الدعامة* ) الذين كانوا في الخرطوم متحصّنين في الصياصي والعمارات والمواقع الإستراتيجية وعهدهم ألّا يقاتلوا الجيش ولا يناصروا من يقاتله ( *القحاطة والإمارات* ) ثم نفضوا يدهم ولعقوا حديث ( *حميدتي* ) عندما قال ما في زول بحارب الجيش ولا حتى بقول كلام في الجيش، الجيش دا تاج راسنا.
وكذلك قال الهطلة عبد الرحيم ( *نحن في الدعم السريع لا يمكن نرفع البندقية في وش الجيش* ) ولكن تحركات كفار قريش ، وطور الإعداد لغزو المدينة المزمع في السنة الخامسة من الهجرة، كانت الخطّة محتاجة لعناصر من الداخل للسيطرة على مقاليد الأمور وقتل أو تحييد القيادة ( *النبي ﷺ* )، وهذا عين ما فعلته ( *الإمارات ومجموعة الرباعية وفولكر* ، *وقحط والترويكا* ) الذين يمثّلون كفار قريش وبقياس مناسب جدًا، أوحوا لحميدتي أن يقوم بدور يهود بني النضير لتكمل عناصر النصر في المعركة المحسومة بالحساب ( *تعادل القوى* ).
لما علم الرسول صلى الله عليه وسلم من أمر اليهود، أذن بحصارهم، وقرّر إجلاءهم خارج المدينة، ولكن كيف السبيل إلى ذلك واليهود أهل عدة حرب، متحصّنين في القِلاع الضخمة والصياصي ( *الحصون* ) ومدخرين من المؤن ما يؤهلهم لصمود طويل، بل إن قلاعهم عبارة عن مزارع فيها من الثمرات والنخيل ما يغنيهم عن البحث خارج الحصون، ولذلك جاء قول الله تعالى ( *ما ظننتم أن يخرجوا* ) والظنّ هُنا كأنّه يقين الشاهد العيان للوضع العسكري والتموضع الإستراتيجي في ميدان المعركة المحتمل، وهنا يمتنّ الله تعالى على نبيه والمؤمنين بأنه فاعل النصر الذي قذف الرعب في قلوب اليهود، وآتاهم من حيث لم يحتسبوا، جاءهم من تلقاء القلوب التي في الصدور، قذف فيها الشك، ونزع منها الثقة في النفس وفي القيادة، حتى دب الخلافات، والملاسنات، وإنهزموا نفسيًا، وإستسلموا لقدرهم الذي قضى حُكم رسول الله ﷺ بالإجلاء من المدينة، ولا يساكنوه فيها أبدًا، فأقبلوا على بيوتهم ينقضون عروشها حتى لا يستفيد منها خصومهم ( *المسلمون* ) وساعتها والمسلمون يرون ما حل بيهود بني النضير، وعملية إستئصالهم تجري وقعائعها أمام أعينهم، عرفوا أن هذا النصر هو من عند الله العزيز الحكيم.
وكذلك كان الدعم السريع، متمترس في كل حصن حصين جازم الإعتقاد في قدرته على إتمام السيطرة على السودان، كما صرخ أحدهم ( *سيطرنا على السودان* ) وهو لسان حالهم جميعًا، وجميعًا هذه تشمل كل أركان المؤامرة، في الداخل والخارج، والمؤكّد أنه حتى قناة الجزيرة في صبيحة السبت ١٥ ابريل عام ٢٠٢٣م كانت خطوطها العاجلة تمضي في إتجاه أن الأمر في السودان قد قُضي لصالح الدعم السريع، لولا نفر من الإعلاميين السودانيين الخلص العاملين في القناة غيّروا هذه المعادلة الخطيرة بإتصالاتهم الساخنة مع القيادة العسكرية، فثبتوا الأمر .
والمؤكّد كذلك أنه لا أحد يظن أن الدعم السريع سيخرج من البيوت والأعيان، بدليل إتفاق جدة نصّ على خروجهم ويضمن لهم البقاء في معادلة السلطة السياسية والعسكرية، ولكنّهم رفضوا بإعتبارات وضعهم الأفضل وإستحالة خروجهم للأقل منه.
هنا تدخّلت عناية الله ويده، وجُنده، فبعد عامين من السيطرة والتسلّط ها هم الجنجويد يخرجون من البيوت والأعيان، بعدما دخلهم الرعب، وبُث الخوف بين صفوفهم وفقدوا الثقة في أنفسهم، وقياداتهم، وفي حجباتهم وفي مشعوذيهم ، فجاءهم طوفان الجيش ومساندوه من كل حدبٍ وصَوب، وخرجوا صاغرين، دون شروط ولا مكافآت، ولا تدابير وسطاء، ولا تسكين وإحلال، ولا حق في أي نوع من المشاركة والحضور السياسي مستقبلاً، وهذه لعمري هي الهزيمة النكراء التي لم يبقى للجنجويد إلا تخريب البيوت والأعيان بالحرق والتدمير، حتى لا يستفيد منها خصومهم ( *الفلول ودولة ٥٦* ).
نعم هو نفس مسلك بني النضير، وهناك ما يجمع هؤلاء وأولئك بلا شكٍ من قواسم ومشتركات، الغدر، نقض العهود، عدم إعتبار القرابة والدم والمواطنة والإخاء الإنساني ، ( *لا يرقُبون في مؤمن إلاً ولا ذمة* ).
الحمد لله الذي أرانا خروج الدعامة من بيوتنا ، ومدننا، وقُرانا، ومساجدنا، ومدارسنا ، ومستشفياتنا .
– خالص الدعاء للجيش العظيم وقيادته ومسانديه.
{ *ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز*}

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى