
عندما حاصر المشركون المدينة المنورة ورموها عن قوس واحدة، وكالبوها من كل جانب في غزوة الخندق في العام الخامس من الهجرة في شهر شوال، فأراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يخفف الوطأ على أهل المدينة، فجرت مفاوضات أولية بينه وبين قائدين من غطفان هما ( *عيينة بن حصن*، *والحارث بن عوف* ) على أن يأخذا ثلث ثمار المدينة بشرط أن يعودا بقومهم وينصرفا عن الحصار، ثم أراد صلى الله عليه وسلم أن يدشن الإتفاق بشكله الرسمي، فجمع زعماء أهل المدينة من الأوس والخزرج، لأنهم أصحاب الثمار التي يجري التفاوض حولها، وبأدب الصحابة الجم ، سألاه صلى الله عليه وسلم، أهذا أمر من الله تعالى أم صنيع تصنعه لنا؟ فقال: إنما هو صنيع أصنعه لكم لما رأيت العرب وقد رمتكم بقوس واحدة، فقال سعد بن معاذ زعيم الأوس: كُنّا على الكفر وعبادة الأوثان، ولا يأخذون من ثمارنا إلا قرى ( *ضيافة* ) أو بيعاً فكيف نعطيهموه وقد أكرمنا الله بالإسلام، وأعزنا بك؟ ( *والله لا نعطيهم الا السيف* ).
ولأن لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة فإننا شعب السودان المسلم ( *عدا القحاطة* ) نستعير مقولة سيدنا سعد الخالدة عبر التاريخ ، الدافئة بأنفاسه كأنها محفوظة في ( *ثيرميس* ) كما يقول صاحب الرقائق المهندس الصافي جعفر رحمة الله عليه، نرددها ونتبرك بها لأنها مرّت من سمع خير البشر، وأجازها، وألغى مسودة الإتفاق المكتوبة، فأمسك بها سعد ومحاها، وأصبح الخيار الوحيد المتاح هو المواجهة إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا، فأستجاب ربك وأرسل ريحاً وجنوداً لم يروها، فقلعت الخيام، وقلبت القدور، وأذن أبو سفيان الرحيل الرحيل ( *بقجوا أو صيجوا بالمعنى الواضح* ) ، ومن هنا تبدلت موازين القوى، وكان الفتح العظيم بعيد ثلاثة سنوات، ودخل الناس ( *الذين كانوا ينتظرون لمن تكون الغلبة* ) دخلوا في دين الله أفواجاً، لأنه الأقوى الآن ببيناته وأسباب حمايتها ، ( *الكتيبة الخضراء* ).
نقول هذا وجيشنا العظيم وكافة قوى الإسناد، من المشتركة ( *مورال فوق* ) وجهاز الأمن وهيئة العمليات، وقوات الشرطة، وكتائب البراء بن مالك، الذي تصل سهامه إلى نحور الجنجويد والقحاطة ( *عبر جسر زمني تجاوز أكثر من ألف وثلاثمئة عام* ) ليؤكد أن هذه الأمة أمة واحدة في المنهج والسلوك ومعرفة الحق والإستعداد للذود عنه،
إنما تقوم به القوات المسلحة في هذه اللحظات الخالدة وهي تطوي الأرض من تحت أرجل ( *الجنجويد الأنجاس* ) وتقتحم عليهم أبواب الطريق إلى مدني بكل ألقها في التاريخ ورمزيتها لأهل السودان، وهي الحرة الأسيرة في قيد الجنجويد، وإدارتهم المدنية المزعومة من حزب الرذيلة وأشتاته.
يتابع الناس الأخبار عن تقدم الجيش العظيم في كل المحاور، المحور الغربي، الذي ركز راياته قبيل مغرب اليوم الأربعاء ركزها في قرية مهلة ( *ولها من اسمها نصيب* ) والتي تبعد من ود مدني نحو عشرين كيلومتر فقط، ومحور الوسط الذي ينحدر في عنفوان ( *بحر أزرق* ) أسعد أهل السودان بإعادة مدينة ( *الحاج عبد الله* ) العريقة الى حضن الوطن بعد فترة عصيبة قضتها في نير الجنجويد، وليس بينه وود مدني إلا كيلومترات، أما المحور الشرقي والذي تتفرع منه محاور أخرى فقد سد الأفق أمام الجنجويد وما لهم من محيص، وهو على وعد التلاقي مع المحاور الأخرى في المدينة حيث تهوي كل أفئدة أهل السودان المتعلقة بالمدن الأسيرة و الأثيرة حتى تعود، الجنينة، نيالا ، والضعين التي حلّت عليها لعنة الجنجويد، بسوء إدارتها الأهلية، وخيانة أعيانها الذين آثروا دنية القبلية على الدين والوطن.
إن الملايين من أهل السودان الآن حيث هم، داخل الوطن او في التشرد واللجوء، يلاحقون أخبار إنتصارات القوات المسلحة، ويؤكدون أنهم مع الحسم العسكري دون غيره، لا يعبئون أبداً بما يتسرب من مبادرات للتفاوض هنا وهناك، فلا تفاوض مع هؤلاء المجرمين، والقول الفصل عندهم هو دعم الجيش، وإسناد العمليات الحربية، حتى تعود كل المدن والقرى والفرقان الأسيرة لدى الجنجويد، وحتى تتطهر أرض السودان من ارجاسهم .
تعظيم سلام وكل الدعاء بالنصر المؤزر للجيش السوداني واطياف مسانديه.
ووالله لا نعطي الجنجويد والقحاطة غير السيف.
والأيام بيننا.
*ولا غالب الا الله*