*✍️ مصعب الطيب يكتب:* *شباب تاركو… الدبلوماسية الشعبية بأجنحة سودانية

ظلت شركة تاركو للطيران منذ اندلاع الحرب حاضرة بقوة في التفاعل المجتمعي و المجال الإنساني، حيث بادرت بتسيير رحلات إجلاء مجانية و خفضت أسعار التذاكر دعماً للمواطنين في لحظة وطنية حرجة، و لم يقتصر دورها على نقل الركاب، بل امتد ليشمل نقل الأدوية و المساعدات القادمة من الخارج، في التزام صارم بالمسؤولية الوطنية، حتى استحقت عن جدارة أن تُوصف بالناقل الرسمي في حرب الكرامة، و ما نعرفه من أدوارها قليل، و ما خفي كان أعظم.
و من خلال مسيرتها، نشهد بين الحين و الآخر ما يجعل كل سوداني يفتخر بوجود شركة وطنية تمددت بأجنحة طائراتها لتغطي إفريقيا و آسيا، و تحلق بأمان في فضاءات متعددة، مع تنوّع خيارات الإقلاع و الهبوط داخل الدولة الواحدة، كما في المملكة العربية السعودية بين جدة و الرياض و الدمام و أبها البهية و المدينة المنورة.
تفوقت تاركو على كثير من نظيراتها، و أكملت دائرة النقل جوًا و براً و بحراً، حتى أصبحت تنافس نفسها قبل غيرها، و هنا يفرض الواقع سؤالًا مشروعًا: من يقف خلف هذا النجاح؟
تتعدد الأسماء المرتبطة بتاركو إدارةً و مُلاكاً، و في مقدمتها قسم الخالق بابكر، رئيس مجلس الإدارة، و سعد بابكر، المدير العام، شراكة تستحق الدراسة و التوثيق بوصفها واحدة من تجارب الشراكات الناجحة في ظل ظروف اقتصادية استثنائية، أبرزها إنشاء شركة طيران في زمن حصار اقتصادي خانق،كان ذلك تحدياً وطنياً خالصاً، و لو استُمع حينها لنصائح خبراء السوق أو خضعت الفكرة لحسابات دراسات الجدوى التقليدية، لما وُلدت تاركو من الأساس.
لكن الإجابة الحقيقية عن سؤال النجاح تكمن في شباب تاركو؛ فوطنيّة الشركاء، و رؤيتهم الثاقبة، و حسن إدارتهم تجلت في دعم الشباب السوداني عبر توفير فرص التدريب والتأهيل، و تمكينهم، و تهيئة بيئة عمل جاذبة في مجالات الطيران و النقل البحري و البري.
اليوم يقود هؤلاء الشباب نجاحات تاركو و تمددها في مختلف أقسامها، بعقول واعية و مدركة، تواكب التطور التكنولوجي، و تُحسن التكيف مع التغيرات المتسارعة في سوق النقل، و تتعامل بمرونة مع تحديات المحطات الداخلية و الخارجية،كانوا على قدر الوعد و التحدي، بروح الشباب و طاقته، و بوصفهم جزءًا أصيلًا من المناسبات الوطنية و الإقليمية والدولية.
يحمل شباب تاركو اسم السودان و علمه إلى جانب شعار الشركة، تعزيزًا لدورهم الوطني، فأصبحوا قدوة يُحتذى بها، و سفراء للشباب السوداني، و نموذجًا حيًا لما يمكن أن تُنجزه الدبلوماسية الشعبية حين تتكئ على الكفاءة و الانتماء.
و أعتقد جازماً أن سعد بابكر و قسم الخالق بابكر لن يبخلا بكشف أسرار بناء هذا الجيل القيادي الشاب، و عرض التجربة على أي حكومة تأمل في النهوض بدور الشباب، متى ما تصالحت مع ذاتها في هذه المسألة، فالمؤسف أن كثيراً من المسؤولين ما زالوا ينظرون إلى الشباب بوصفهم خصماً، و يضعون بينهم و بينه مسافات شاسعة.
هنيئًا للسودان بشباب تاركو .



