تحالفات الظل: العلاقة بين حميدتي وقيادات الجيش الإثيوبي
الخرطوم – تقرير خاص
يشهد السودان واحدة من أعقد أزماته السياسية والعسكرية، فيما تتشابك خيوط الأزمة داخليًا وخارجيًا، لتكشف عن تحالفات خفية وتحركات إقليمية تتجاوز الأطر التقليدية للعمل الدبلوماسي. في قلب هذه الشبكة المعقدة تبرز العلاقة المثيرة للجدل بين قائد ميليشيا الدعم السريع، الفريق محمد حمدان دقلو “حميدتي”، وعدد من كبار قادة الجيش والاستخبارات الإثيوبية، في تحالف غير معلن يجمع بين المصالح العسكرية والاقتصادية.
⸻
ارتباط وثيق بقيادات عسكرية واستخباراتية إثيوبية
تشير مصادر مطلعة إلى أن العلاقة بين حميدتي ورئيس أركان الجيش الإثيوبي، الجنرال برهانو جولا، تتعدى اللقاءات البروتوكولية إلى مستوى من التنسيق الاستراتيجي. فالعلاقات بين الطرفين اتسمت خلال الأشهر الماضية بالتنسيق الميداني، حيث يُعتقد أن إثيوبيا قدّمت تسهيلات لوجستية لتحركات ميليشيا الدعم السريع على الحدود الشرقية للسودان.
كما تؤكد تقارير أمنية وجود تواصل مباشر بين حميدتي ومدير جهاز الاستخبارات في الجيش الإثيوبي، يتضمن تبادل معلومات حساسة، وتقديم دعم تقني يتعلق بالاتصالات والتجسس والمراقبة.
⸻
شبكة استثمارات متشابكة في أديس أبابا
بعيدًا عن الميدان العسكري، تمتد هذه العلاقة لتشمل استثمارات اقتصادية مباشرة في العاصمة الإثيوبية. وتشير معلومات إلى أن حميدتي وشقيقه عبد الرحيم دقلو، نائب قائد ميليشيا الدعم السريع، يمتلكان عددًا من المشاريع العقارية والتجارية في أديس أبابا، بعضها بالشراكة مع مؤسسات عسكرية إثيوبية أو رجال أعمال مقربين من دوائر السلطة.
ومن بين هذه الاستثمارات:
• مجمعات سكنية وتجارية في ضواحي العاصمة
• شركات تعمل في مجال تصدير المواشي والمعادن
• مساهمات في مشاريع تنموية تابعة للجيش الإثيوبي
⸻
استقبال رسمي لعبد الرحيم يثير التساؤلات
في مشهد أثار الكثير من علامات الاستفهام، استقبلت السلطات الإثيوبية عبد الرحيم دقلو بطريقة رسمية بالغة، حيث حظي بمراسم استقبال تُشبه ما يُخصّص لرؤساء الدول، بما في ذلك حراسة مشددة وتسهيلات دبلوماسية. هذا الاستقبال يُفسّر من قبل محللين كرسالة دعم غير معلنة من أديس أبابا لقيادة ميليشيا الدعم السريع، خصوصًا في ظل الحرج الدبلوماسي الذي يواجهه السودان في علاقاته الإقليمية.
⸻
مخاوف من تدويل الأزمة السودانية
يرى مراقبون أن هذه العلاقات بين ميليشيا الدعم السريع والجيش الإثيوبي تعكس توجّهًا خطيرًا نحو تدويل الحرب السودانية، وتحويلها إلى ساحة نفوذ للقوى الإقليمية. كما تُضعف حياد إثيوبيا المفترض، وتزيد من تعقيد جهود السلام التي تقودها أطراف دولية.
ويُحذّر خبراء من أن استمرار هذا التحالف سيجعل من إثيوبيا طرفًا فاعلًا في الصراع، بدلًا من أن تكون وسيطًا محايدًا، مما قد يؤدي إلى تداعيات أمنية أوسع في منطقة القرن الإفريقي.
⸻
خاتمة
في ظل الحرب المفتوحة التي تمزق السودان، تتكشّف المزيد من الخيوط الخفية التي تساهم في تعقيد المشهد، وتُعيد رسم خارطة التحالفات الإقليمية. وتبقى العلاقة بين حميدتي وقيادات الجيش الإثيوبي نموذجًا صارخًا لما يمكن أن تفرزه الحروب من تحالفات مصالح تتقاطع فيها السياسة مع المال والسلاح