راي

جيفة الإمارات في كينيا

لـواء ركن ( م ) د. يونس محمود محمد

 

لو سأل أحدهم ( *شيطان العرب* ) وهو قائم لوحده دون رقيب ممن حوله : لماذا تفعل كل هذا بالسودان وأهله؟
ما الذي تبغيه وتريده منهم؟
سينظر اليك بأعينه الفارغة في امتعاض مستكثراً السؤال مترددًا في الإجابة، واقفًا في العقبة فتسعفه ( *بخيارات* ) حتى تلين عليه قسوة الإفصاح، هل هو الطمع في موارد السودان الغني بالمياه، والأرض الخصبة والذهب، وأنتم تنظرون جفاف ضروعكم في المستقبل القريب؟
أم هم ( *الإسلاميون* ) غرماؤكم الجدد؟
وما الذي تخشونه منهم؟
لتلفّت في حذر و أشار بلسانه وعينيه معًا ( *مثل ما يفعل مستر بين* ) تجاه فلسطين ووضع يده على أعلى مؤخرة رأسه، ففهمتُ إشارته، نعم هل هم اليهود؟
فأومأ في يأس العاجز بالموافقة .
نعم إن ما جرى وتجري وقائعه في السودان من مؤامرات وحروب ودمار وتفتيت ليس وليد صُدفة، ولكنّه فصل من فصول الصراع السرمدي الممتد بين ( *أخوان القردة والخنازير* ) كما وصفهم المصطفى ﷺ وبين جموع المؤمنين من حولهم، مسلمهم ومسيحيهم.
واليهود لا تنقصهم الحيلة، ولا يخذلهم الذكاء في معرفة حقيقة أنهم لا يمكنهم مباشرة التّماس مع الخصوم ولذلك يحتاجون من يُسوّق لهم بضاعة الكيد، وقد حقّقوا إختراقات عميقة جدًا عبر تاريخ الصراع، فتغلغلوا في مفاصل كثير من الدول، وسيّطروا على مراكز صُنع القرار فيها وتلصّصوا على ادق الأسرار الخاصة والعسكرية، ولذلك قلّت عندهم كلفة المواجهة، وما أدلّ على ذلك من نتائج حروبهم مع الدول بجيوشها النظامية، إذ ألحقوا الهزيمة بها جميعًا في ما لا يتجاوز ستة أيام فقط، بينما أعجزهم ذلك أمام خصومهم ( *الإسلاميين* ) من أبناء حماس والجهاد الإسلامي، خلال عام ونصف، برغم الحصار المضروب عليهم من كل جانب، فقط لأنهم لم يجدوا ثغرةً في صفهم لينفثوا منها مصل الهزيمة، الأمر الذي يبرّر عندهم العِداء السافر والإستهداف لهم.
الحقيقة المؤكدة والتي لا تقبل الجدل أن ( *الإمارات* ) هي الوكيل الحصري للتسويق للخطط الصهيونية، وسبل إنفاذها وتطبيقها على الأرض في المنطقة، ولذلك إرتبط مشروع التغيير في السودان إرتباطًا ( *سُريًا* ) بهذه الحيثيات عبر كل المراحل السريّة والمُعلنة، جمع كيانات سياسية لتكون ( *عيرًا* ) تحمل هذه الأثقال إلى بلادها وإعداد ( *حميدتي* ) بقوات وتجهيزات مهولة، ظهرت ملامحها من خلال مستهلكات القتال، وما إغتنمه الجيش من مخازن لأسلحة وذخائر، ومعدّات نوعيّة وأجهزة، الا شاهدًا على حجم التمويل المخصّص لهذه المهمة، المتعددة المراحل،المتابعة من غرف عمليات تُدير الصراع وتنقله من مكانٍ لآخر، ومن أسلوب لأسلوب،
حتى إذا فشلت المرحلة الأولى للسيطرة على الحُكم بالقوة القاهرة صبيحة الرابع عشر من أبريل عام ٢٠٢٣م وتغذية الحرب بالوقود من كل نوع، إمدادات السلاح، والمقاتلين المرتزقة من كل مكان ولمدة سنتين حتى تبيّنت معالم الهزيمة الساحقة بفضل الله، ثم حُسن بلاء الجيش السوداني وكل من قاتل في صفّه، ليضع حدًا لهذه المرحلة.
غُرف العمليات المسيطرة، رأت نقل الصراع إلى المستوى السياسي بأبعاد إقليمية، فجاءت المبادرة بمؤتمر الوضع الإنساني رفيع المستوى الذي إنعقد قبل يوم واحد من إجتماعات الإتحاد الأفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بتاريخ ١٥ – ١٦ فبراير الجاري، وهو تمهيد لإشهار القضية تحت أضواء إعلام الاتحاد الافريقي، وأهم ما فيه ( *تبرّع الإمارات بمبلغ مئتي مليون دولار* ) وهي الجيفة الموعودة التي أُعلن عن طرحها في عراء العاصمة الكينية نيروبي وتكفي روائحها النتنة أن تُقدم بطاقات الدعوة للأكلة المتطفلين، فلم يمضِ كثيرُ وقتٍ حتى غصت القاعة ( *الغابة* ) بالضباع وأنثاهم المسيطرة ( *تراجي* ) التي إعترفت بأن الجنجويد أخصبوها بعدما يئست،
وتسابقت الكلاب البريّة وأبناء آوى، والبعاشيم، والسناجب ( *البلباصة* ) والأورال ( *جمع ورل* ) وصقور الرمم الصلعاء طويلة الأعناق والأعمار ( *بُرمة ناصر* ) وأم رخم، والحداءات، والغُربان، وخلائق أخرى مجهولة الهوية منبوذة، ( *أبو الدرداق*) تأتي لتقتات من بقايا الجِيف، وتجمع الروث، وتنظّف المكان مهرًا لنزول قمر السلطة، ( *إبراهيم الميرغني* ، *الأصم* ) نماذج.
الجيفة الإماراتية الدولارية التي ألقت بها في كينيا بغرض جمع هؤلاء لتوقيع ميثاق سياسي، ومن ثم إعلان حكومة، وتقسيم السودان عمليًا وإحداث نقلة نوعية في الصراع وأدواته، بما سيتوفر من إعتراف ومقار، يُمكن أن تُحدث فرقًا في الميدان العسكري، والسياسي، والدبلوماسي، واضح أنها ( *لمة وتفرقت* ) دون تحقيق الهدف أو حتى الإقتراب منه وذلك لأسباب عملية، ليس أقلّها ضعف وإختلاف هذه المكونات وضآلة فُرص النجاح وتقاطعات السياسة الإقليمية، وإلتزامات الإتحاد الأفريقي تجاه مكوناته ( *رغم تعليق عضوية السودان* ) ولكن رُشد القيادة الجديدة بعيدًا عن التأثير الإماراتي.
وبرغم الحذر الواجب تجاه هذا الأمر مثل الحذر بوجود قنبلة يوجب الإخلاء والتفتيش اللازم، إحتياطاً، إلا أن أهل السودان قد شاهدوا الخونة جميعًا لتتحقق معرفتهم كفاحًا بلا أقنعة، هؤلاء هم القتلة الجنجويد من نفّذوا المجازر ولم تجف دماء الضحايا في القطينة، وجثثهم لم تُوارى الثرى، هم يرقصون رقصة الموت، موت الضمير والأخلاق، والإنتماء.
والسودان باقٍ بإذن ربّه، وجهاد أهله، وثبات جيشه، لن ينال منه الصهاينة ووكليهم الإماراتي، مرادهم بحول الله وقوته.

( *وما النصر إلّا من عند الله* )

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى